بوروده عن المولى، ولو كان عن جهل مع التقصير(1)، إنتهى موضع الحاجةمن كلامه رحمهالله .
نقد ما استدلّ به الشيخ رحمهالله في المسألة
ويرد عليه أنّ المدّعى عدم حجّيّة الأمارة المشكوكة الاعتبار(2)، وهذهالأدلّة ليست بصدد إثبات هذا المطلب، بل تدلّ على حرمة إسناد مفاد هذالنوع من الأمارات إلى اللّه تعالى.
إن قلت: نعم، ولكن يتمّ المطلوب بالملازمة بين حرمة الإسناد وعدمالحجّيّة.
قلت: ما الدليل على إثبات هذه الملازمة لو ادّعي الشكّ فيها؟
بل بعضهم أقاموا البرهان على عدمها بإيراد نقوض عليها:
منها: ما ذكره المحقّق الخراساني رحمهالله من أنّ الظنّ الانسدادي على تقديرالحكومة حجّة، ومع ذلك يحرم إسناد مفاده إلى اللّه تعالى، لاستقلال العقلبحجّيّته من دون أن يكشف حجّيّته الشرعيّة(3).
لكن يرد عليه أنّ الظنّ الانسدادي على تقدير الحكومة لا يتّصف بالحجّيّةأصلاً(4)، فإنّ واقعيّته هو الحكم بتبعيض الاحتياط في موارد احتمال التكليفالإلزامي، لا الحكم بحجّيّته.
توضيح ذلك: أنّ دليل الانسداد يبتني على مقدّمات:
أ ـ أنّا نعلم إجمالاً بثبوت تكاليف إلزاميّة كثيرة فعليّة في
- (1) فرائد الاُصول 1: 125.
- (2) وبتعبير المحقّق الخراساني رحمهالله : «الشكّ في الحجّيّة يساوق القطع بعدم الحجّيّة». منه مدّ ظلّه.
- (4) بخلاف الظنّ الانسدادي على تقدير الكشف، فإنّه حجّة شرعيّة منكشفة من طريق العقل. منه مدّ ظلّه.
(صفحه202)
الشريعة.
ب ـ أنّه قد انسدّ علينا باب العلم والعلمي إلى كثير منها.
ج ـ أنّه لا يجوز لنا إهمالها وعدم التعرّض لامتثالها أصلاً.
د ـ أنّه لا يجب علينا الاحتياط في أطراف علمنا، بل لا يجوز فيما إذا كانموجباً لاختلال النظام.
هـ ـ أنّ الإطاعة الوهميّة أو الشكّيّة مع التمكّن عن الظنّيّة قبيحة، لكونهترجيحاً للمرجوح على الراجح.
فيستقلّ العقل حينئذٍ بلزوم الإطاعة الظنّيّة لتلك التكاليف المعلومة.
وهذا عبارة اُخرى عن الاحتياط في بعض موارد احتمال التكليف، فإنّالعقل ـ بعد أن حكم في المقدّمة الرابعة بعدم وجوب الاحتياط التامّ في أطرافالعلم الإجمالي لسعة دائرتها واستلزام الاحتياط في جميعها العسر والحرجواختلال النظام ـ التجأ إلى التبعيض في الاحتياط، فحكم بلزوم العملبالموارد المظنونة وترك الموارد المشكوكة والموهومة.
فلايصحّ إطلاق الحجّة على الظنّ المطلق على تقدير الحكومة، لتكونشاهداً على عدم الملازمة بين حرمة إسناد مطلق الظنّ إلى اللّه تعالى وبين عدمحجّيّته.
ومنها: ما أفاده المحقّق العراقي رحمهالله من أنّ الشكّ في الحكم قبل الفحص حجّة،ومع ذلك يحرم إسناد ذلك الحكم المشكوك إلى اللّه تعالى.
توضيح ذلك: أنّ جواز التمسّك بأصالة البراءة في الشبهات الحكميّةمشروط بالفحص عن الدليل واليأس عن الظفر به، لأنّ من التفت إلى حكموشكّ فيه فإن تمسّك بأصالة البراءة بلا فحص كان الشكّ حجّة، بمعنى أنّ ذلكالحكم المشكوك يتنجّز عليه إذا كان ثابتاً في الواقع، لكن لا يجوز إسناده إلى