جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
ج4

مانع غيرمعلوم لنا، ولذا ورود في بعض الأخبار: «اسكتوا عمّا سكت اللّه‏»(1)فقوله عليه‏السلام : «ماحجب اللّه‏ علمه عن العباد» يكون بمعنى «ما سكت اللّه‏ عنه ولميبيّنه للعباد».

والكلام في مسألة البرائة إنّما هو في الأحكام التي بيّنها اللّه‏ للعباد إلاّ أنّها لمتصل إلينا وكلّما فحصنا عنها في مظانّها ماوجدناها، لأنّ الأعداء وغاصبيالحكومة أخفوها وحالوا بيننا وبينها.

وبالجملة: بين «حديث الرفع »و «حديث الحجب» فرق، وهو أنّ «الرفع»اُسند في «حديث الرفع» إلى «مالايعلمون» من دون أن يكون عدم العلممسبّبا عن سبب خاصّ، بخلاف «حديث الحجب» فإنّ عدم العلم فيه مسبّبعن حجب اللّه‏ تعالى وعدم تبيينه للأحكام، والأوّل مورد البرائة دون الثاني.

و يمكن الجواب عن هذه الشبهة بأنّ أفعال العباد الاختياريّة يصحّ نسبتهإلى اللّه‏ تعالى، لكون قدرتهم بل أصل وجودهم منه تعالى، «وَمَا رَمَيْتَ إِذْرَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّه‏َ رَمَى»(2)، «بحول اللّه‏ وقوّته أقوم وأقعد»(3) ولذا ورد فيالحديث: «لاجبرو لا تفويض ولكن أمر بين أمرين»(4).

فلامانع من أن يراد بـ «ما حجب اللّه‏ علمه عن العباد» التكاليف التي بيّنهاللّه‏ في متن الشريعة، ولكن أخفاها وحال بيننا وبينها الأعداء وغاصبوالحكومة، فإنّها يصحّ نسبة حجبها إليهم، لكونهم مباشرين في ذلك، وإلى اللّه‏تعالى، لكون قدرة الفاعلين ناشئةً منه، بل وجودهم ربط إليه.

ويؤيّده التعبير بـ «فهو موضوع عنهم» فإنّ المرفوعيّة والموضوعيّة عن


  • (1) عوالي اللئالي 3: 166.
  • (2) الأنفال: 17.
  • (3) وسائل الشيعة 6: 361، الباب 13 من أبواب السجود، الحديث 3.
  • (4) الكافي 1: 160، كتاب التوحيد، باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين، الحديث 13.
(صفحه418)

العباد تدلّ على أنّ للتكليف المرفوع مرتبةً من الثبوت بتبيينه من قبل اللّه‏سبحانه، إلاّ أنّه إذا فحص عنه العباد ولم يعلموا به فهو مرفوع عنهم، ولميعاقبهم اللّه‏ على مخالفته، امتنانا لهم وتسهيلاً عليهم.

اللّهُمَّ إلاّ أن يقال: أفعال العباد سواء كانت من الحسنات أو السيّئات وإنصحّ إسنادها إليهم وإلى اللّه‏ تعالى، إلاّ أنّه لم يعهد إسناد السيّئات إليه سبحانهحتّى بحسب التعبير، بخلاف الحسنات، فلا يقال: «سرق اللّه‏» لكن يقال: «قتلاللّه‏ المشركين» فكيف نسب عمل أعداء الإسلام وحجبهم علم التكاليف عنالعباد إلى اللّه‏ سبحانه وتعالى؟!

الاستدلال على البرائة بحديث «كلّ شيء لك حلال...»

ومنها: قوله عليه‏السلام : «كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف أنّه حرامٌ بعينه»(1).

لا إشكال في أنّ جعل غاية الحلّيّة، المعرفة بالحرمة يدلّ على أنّ الشيءالمأخوذ في المغيّى هو الشيء الذي شكّ في حلّيّته وحرمته، فهو بمقتضى الروايةمحكوم بالحلّيّة الظاهريّة.

إنّما الإشكال في أنّها هل تعمّ جميع الشبهات أو تختصّ بالشبهاتالموضوعيّة؟

كلام صاحب الكفاية في ذلك ونقده

ذهب المحقّق الخراساني رحمه‏الله إلى دلالتها على البرائة في الشبهات الموضوعيّةوالحكميّة كلتيهما(2).


  • (1) ما وجدت رواية بهذا التعبير، لكن روي عن مسعدة بن صدقة عن أبيعبداللّه‏ عليه‏السلام قال: سمعته يقول: «كلّشيء هو لك حلال حتّى تعلم أنّه حرامٌ بعينه» الحديث. راجع وسائل الشيعة 17: 89 ، كتاب التجارة،الباب 4 من أبواب مايكتسب به، الحديث 4. م ح ـ ى.
ج4

ولقائل أن يقول: كلمة «بعينه» قرينة على اختصاص الحديث بالشبهاتالموضوعيّة، لأنّ المايع الخارجي الذي شكّ في كونه خمرا أو خلاًّ يصحّ أنيقال فيه: إنّه حلال حتّى تعرف أنّه حرام بعينه، بخلاف ما إذا شككنا في أنّشرب التتن مثلاً هل هو حرام في الشريعة أم لا، فإنّ البحث هاهنا إنّما هو فيحكمه الكلّي ويمكن أن لا يكون له مصداق خارجي كي يصدق عليه كلمة«بعينه».

البحث حول نظريّة الإمام الخميني رحمه‏الله في المقام

لكن سيّدنا الاُستاذ الأعظم الإمام قدس‏سره قوّى كلام المحقّق الخراساني رحمه‏الله بدعوى أنّ كلمة «بعينه» ليست قيدا احترازيّا، بل تأكيد لقوله: «تعرف» كميقال: «جاء زيد بعينه» فكأنّه قال: «كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف بعينالمعرفة وباليقين والعلم الكامل أنّه حرام» فهذا القيد وجوده وعدمه سواء، فليوجب خروج الشبهات الحكميّة عن تحت الحديث(1).

هذا، ولكنّ الظاهر أنّ هذا القيد يرتبط بالضمير في «أنّه» لا بـ «تعرف»ضرورة أنّ ضمير «بعينه» يرجع إلى ما يرجع إليه ضمير «أنّه» فاُريد منالرواية أنّ «كلّ شيء حلال حتّى تعرف أنّ ذلك الشيء بعينه وبشخصه يكونحراما» فتختصّ بالشبهات الموضوعيّة.

ثمّ إنّ الإمام رحمه‏الله بعد القول بعدم اختصاص الحديث بالشبهات الموضوعيّةذهب إلى احتمال كونه مربوطا بالشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي، حيث قال:


  • (1) كفاية الاُصول: 388.
  • (2) أنوار الهداية 2: 72.
    أقول: إنّ الإمام رحمه‏الله وإن ذهب في أنوار الهداية إلى عدم اختصاص هذه الرواية بالشبهات الموضوعيّة، إلأنّه ذهب في تهذيب الاُصول إلى اختصاصها بها. راجع تهذيب الاُصول 3: 85 . م ح ـ ى.
(صفحه420)

نعم، لا يبعد دعوى ظهور قوله: «بعينه» في مقابل المعلوم بالإجمال، فيكونالحديث بصدد الترخيص في ارتكاب أطراف المعلوم بالإجمال حتّى يعرفالحرام بعينه، أي تفصيلاً.

كما أنّ الظاهر من قوله: «كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال،حتّى تعرف الحرام بعينه» هو ذلك، أي ترخيص في التصرّف بالمال المختلطبالحرام.

فهذان الحديثان يمكن أن يكونا منسلكين في سلك الأحاديث الواردة فيالمال المختلط بالحرام(1)، إنتهى موضع الحاجة من كلامه.

وحاصله: أنّ حديث «كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف أنّه حرامبعينه» وحديث «كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال أبدا حتّىتعرف الحرام منه بعينه»(2) بمعنى واحد ولكليهما وزان وسياق واحد، فلوقلنا في الثاني باختصاصه بالشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي لقلنا ذلك فيالأوّل أيضا.

ويمكن المناقشة فيه بأنّا لانسلّم أن يكون الحديثان منسلكين في سلكواحد، إذ اُريد من كلمة «شيء» في الحديث الأوّل «شيء شكّ في حلّيّتهوحرمته» كما عرفت آنفا، بخلاف الحديث الثاني، فإنّ كلمة «شيء» فيهظاهرة في شيء مشتمل على كلّ من الحلال والحرام قطعا، فكيف يمكن القولبانسلاكهما في سلك واحد وإفادتهما معنى واحدا؟!

والحاصل: أنّ حديث «كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف أنّه حرام بعينه»مربوط بالشبهات البدويّة، فتدلّ على البرائة، لكنّه ـ بلحاظ كلمة «بعينه»


  • (1) أنوار الهداية 2: 72.
  • (2) وسائل الشيعة 17: 87 ، كتاب التجارة، الباب 4 من أبواب مايكتسب به، الحديث 1.
ج4

يختصّ بالشبهات الموضوعيّة ولا يعمّ الشبهات الحكميّة التي هي عمدة البحثفي باب البرائة.

الاستدلال على البرائة بحديث «كلّ شيء فيه حلال وحرام...»

ومنها: ما روي عن أبي عبداللّه‏ عليه‏السلام أنّه قال: «كلّ شيء فيه حلال وحرامفهو لك حلال أبدا حتّى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه»(1).

اعلم أنّ في هذا الحديث جهتين من البحث:

أ ـ أنّه هل يختصّ بالشبهات الموضوعيّة، أو يعمّ الشبهات الحكميّة؟

ب ـ أنّه بناءً على اختصاصه بالشبهات الموضوعيّة هل يختصّ بموارد العلمالإجمالي أو يعمّ الشبهات البدويّة أيضا ليكون قابلاً للاستدلال في مسألةالبرائة؟

أمّا الجهة الاُولى: فالحقّ فيها أنّ في الحديث قرينتين على اختصاصهبالشبهات الموضوعيّة:

الاُولى: كلمة «بعينه» على ما عرفت في الرواية السابقة.

الثانية: قوله: «فيه حلال وحرام» فإنّ ظاهره أنّ موضوع الروايةهو شيء فيه حلال بالفعل وحرام بالفعل، لا أنّه شيء فيه احتمالالحلّيّة والحرمة، فمورده ما إذا شككنا في حلّيّة المايع المردّد بين الخمروالخلّ مثلاً، إذ يصدق حينئذٍ أنّ المايع جنس له نوعان: أحدهما حلالوهو الخلّ، والآخر حرام وهو الخمر، ووجود الحلال والحرام الفعليّين هوالذي أوجب أن نشكّ في حلّيّة المايع المردّد بين الخمر والخلّ وحرمته، بحيثلو كانت جميع المايعات محلّلة أو محرّمة لم‏نشكّ فيه، وأمّا الشكّ في حلّيّة


  • (1) المصدر نفسه.