(صفحه502)
المكلّف شوقا إلى الإتيان، لعلمه بأنّه يثاب بعمله، طابق الواقع أو خالف، فهذالخطاب والترغيب وجعل الثواب على مطلق العمل، خالف أو وافق، ليس إللأجل التحفّظ على المستحبّات الواقعيّة.
وبعبارة اُخرى: إنّما جعل الثواب على مطلق العمل، حثّا على إتيان كلّيّةمؤدّيات الأخبار الدالّة على السنن، لعلم الشارع بأنّ فيها كثيرا من السننالواقعيّة، فلأجل التحفّظ عليها جعل الثواب على مطلق ما بلغ عنه صلىاللهعليهوآله ، نظيرقوله تعالى: «مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا»(1) حيث جعل تضاعفالأجر للحثّ على الإتيان بالحسنات، فلأدلّة الباب إطلاق بالنسبة إلى كلّ مبلغ بسند معتبر أو غيره.
وممّا ذكرنا يظهر أنّ استفادة الاستحباب الشرعي منها مشكل غايته،للفرق الواضح بين ترتّب الثواب على عمل له خصوصيّة ورجحان ذاتي فيهكما في المستحبّات، وبين ترتّب الثواب على الشيء تفضّلاً، لأجل إدراكالمكلّف ماهو الواقع المجهول، كما في المقام، كما أنّ جعل الثواب على المقدّماتالعلميّة لأجل إدراك الواقع لا يلازم كونها اُمورا استحبابيّة، وكما أنّ جعلالثواب على المشي في طريق الوفود إلى اللّه أو إلى زيارة الإمام الطاهر،الحسين بن عليّ عليهماالسلام لأجل الحثّ إلى زيارة بيته أو إمامه، لا يلازم كون المشيمستحبّا نفسيّا، وقس عليه كلّ ما يقع في ذهنك من أمثال ذلك(2).
إنتهى موضع الحاجة من كلامه ملخّصا.
ويبدو أنّه خير ما قيل في المقام.
والحاصل: أنّه لا يستفاد من أخبار «من بلغ» استحباب العمل البالغ عليه
- (2) تهذيب الاُصول 3: 153، وأنوار الهداية 2: 132.
ج4
الثواب، لا مباشرةً ـ كما قال المحقّق الخراساني رحمهالله ـ ولا بواسطة جعل الحجّيّةللخبر الدالّ على الاستحباب ـ كما قال المحقّق النائيني رحمهالله ـ بل غرض الشارعتعلّق بالتحفّظ على المستحبّات الواقعيّة، ولأجل ذلك توصّل إلى مرادهبترتيب المثوبة على كلّ عمل بلغ عليه الثواب، ولوكان مخالفا للواقع، ليرغبالمسلمون في العمل ويصلوا إلى مصالح المستحبّات الواقعيّة، من دون أن يصيرنفس العمل مستحبّا.
هذا تمام الكلام في أخبار «من بلغ» وبه تمّت مباحث البراءة.
(صفحه504)